الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013


العز بن عبدالسلام . . وعلاقة العالم بالزمن 


قد يتساءل البعض قائلا : لماذا نتحدث عن حياة هذا الإمام 
إن اهتمامنا بدراسة سيرة هذا الإمام يرجع السبب فيه إلى أن التاريخ يعيد نفسه فأحداث الأمس هي نفسها أحداث اليوم والمواقف المنتظرة من رجال اليوم هي المواقف التي كان يفعلها رجال الأمس والأمة تمر بها أزمات متكررة في عصورها المتعاقبة تحتاج فيها إلى أن ترجع إلى ماضيها وتعيد النظر فيه فنظرة إلي ما نراه من تلون العلماء القائمين علي إدارة العمل الدعوي من إفتاء ودعاة هم اليوم من يمسكون بمعول هواهم الذي جاء مخالفا لفهم صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم فأصبح جهدهم هو لهدم عقيدة الامة وتمسخ معتقدها ليصبح الفرد المسلم أجوف بلا مضمون ليبنى عليه هوي وعقيدة أهل الضلال ... فأصبحت الامة وكما نرى بدون هوية بل وبدون مرجعية إسلامية حقيقية فأصبحنا نسمع بمصطلحات مستحدثة تكلمت في بعضها ويبقى الكثير منها متداولا بين العامة والخاصة بل صار عقيدة قد تصدم أصحابها بل وأصبح النقاش فيها جدلا بلا جدوى .. فهي العقيدة المفروزة ممن قاموا بالمسخ والتمييع ...
ولعل ما كان عليه حال البلاد وقتئذ من خلافة إسلامية وهذا كما ذكره لي اخي أبو عبد الرحمن حيث كان الناس يلوذون بالدولة للإنصاف الديني والاجتماعي ... وكان أهل العلم هم المعظمون والعالم يأخذ قوته وعزته من عز وقوة الدولة راعية الاسلام ... وكانت البلاد والقائمين عليها يدركون أن ملكهم يدوم في ظل العلماء الصادقين ....
نعم هناك فرق بين دولة كانت ترعي العلماء . . ودولة ترعي أهل البدع بل أهل الضلال بل وهم النخب التي تسيطر علي صناعة العقل بل وترسم وبرعاية من علماء هم مطيتهم لتغريب الامة وزوال ريحها . .

شجاعتـه وجرأتـه في الحـق

لعل أبرز الجوانب في شخصية هذا الإمام هو ما يتعلق بالشجاعة والجرأة التي كان يتميز بها في قول كلمة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لقد جدد السلطان العز.بن.عبد.السلام الإنكار العملي على السلاطين والأمراء وكان ينكر عليهم أحيانا علنا وأمام العامة لاسيما المنكر العلني ولا يخاف في الله لومة لائم

فوائد الإنكار العلني :

إن الإنكار العلني والصدع بكلمة الحق له فوائد كثيرة وعظيمة لعل من أهمها :

أولا: أن يعذر العالم

ثانيا: التفاف العامة حول هذا العالم

ثالثا: تشجيع الآخرين على الإنكار

رابعا: قبول الحق

خامسا: رفع مسـتوى الأمة وعدم حجب الحقائق عنها

وكان العزبن.عبدالسلام من العلماء الذين يسلكون هذا المنهج ولا يرون مانعا شرعيا منه .
مواقفـه العظيمـة
لقد كان لهذا الإمام الجليل مواقف في غاية العجب وهذه المواقف العظيمة لولا أنها مسطرة في الكتب لقلنا: إنها خيال من الخيال لكنها مكتوبة والذين كتبوها هم من العلماء الذين عاصروه وعاشروه وعاشوا معه.
ومن هذه المواقف العجيبة:
موقفه مع الملك الصالح إسماعيل
عندما كان العز.بن.عبد.السلام في دمشق كان الحاكم رجلا يقال له: "الملك الصالح إسماعيل" من بني أيوب فولى العز.بن.عبد.السلام خطابة الجامع الأموي وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل هذا بالتحالف مع النصارى الصليبيين أعداء الله ورسله فحالفهم وسلم لهم بعض الحصون كقلعة الشقيف وصفد وبعض الحصون وبعض المدن وذلك من أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر.
فلما رأى العز بن عبد السلام هذا الموقف الخائن الموالي لأعداء الله ورسله - عليهم السلام- لم يصبر فصعد على المنبر وتكلم وأنكر على الصالح إسماعيل تحالفه مع الصليبيين وقالها له صريحة وقطع الدعاء له في الخطبة بعدما كان اعتاد أن يدعو له وختم الخطبة بقوله: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا تعز فيه وليك وتذل فيه عدوك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ثم نزل.
وعرف الأمير الملك الصالح إسماعيل أنه يريده فغضب عليه غضبا شديدا وأمر بإبعاده عن الخطابة وسجنه وبعدما حصل الهرج والمرج واضطرب أمر الناس أخرجه من السجن ومنعه من الخطبة بعد ذلك..
وفي إحدى المرات كان الملك الصالح إسماعيل قد عقد اجتماعا مع بعض زعماء النصارى الصليبيين كان اجتماعهم قريبا من العز.بن.عبد.السلام بحيث يسمعون قراءته للقرآن فقال: هل تسمعون هذا الذي يقرأ قالوا : نعم. فقال ومتفاخرا هذا هو أكبر قساوسة المسلمين سجناه لأنه اعترض علينا في محالفتنا لكم وتسليمنا لكم بعض الحصون والقلاع واتفاقنا معكم على قتال المصريين.
فقال له ملوك النصارى والله لو كان هذا القسيس عندنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقته
فأصيب الملك إسماعيل بالخيبة والذل وكانت هذه بداية هزيمته وفشله وجاءت جنود المصريين وانتصرت عليه وعلى من كانوا متحالفين معه من الصليبيين وأفرجت عن الإمام العز.بن.عبد.السلام

موقفه مع الصالح أيوب

خرج العز.بن.عبد.السلام بعد ذلك إلى مصر واستقبله نجم الدين أيوب وأحسن استقباله وجعله في مناصب ومسؤوليات كبيرة في الدولة.
وكان المتوقع أن يقول العز بن عبد السلام هذه مناصب توليتها ومن المصلحة أن أحافظ عليها حفاظا على مصالح المسلمين وألا أعكر ما بيني وبين هذا الحاكم خاصة أن الملك الصالح أيوب -مع أنه رجل عفيف وشريف إلا أنه كان رجلا جبارا مستبدا شديد الهيبة حتى إنه ما كان أحد يستطيع أن يتكلم بحضـرته أبدا ولا يشفع لأحد ولا يتكلم إلا جوابا لسؤال حتى إن بعض الأمراء في مجلسه ويقولون والله إننا دائما نقول ونحن في مجلس الملك الصالح أيوب: لن نخرج من المجلس إلا إلى السجن فهو رجل مهيب وإذا سجـن إنسانا نسيـه ولا يستطيع أحد أن يكلمه فيه أو يذكره به وكان له عظمة وأبهة وخوف وذعر في نفوس الناس سواء الخاصة منهم والعامة فماذا كان موقف العز.بن.عبد.السلام معه
في يوم العيد خرج موكب السلطان يجوس في شوارع القاهرة والشرطة مصطفون على جوانب الطريق والسيوف مسلطة والأمراء يقبلون الأرض بين يدي السلطان هيبة وأبهة -وهذه كانت عادة سيئة موجودة عند الأمراء في ذلك الوقت وهنا وقف العز.بن.عبد.السلام وقال: يا أيوب هكذا باسمـه مجردا بلا ألقاب فالتفت الحاكم ليري من الذي يخاطبه باسمه الصريح بلا مقدمات ولا ألقاب ثم قال له العز: ما حجتك عند الله - عز وجل - غدا إن قال لك: ألم أبوئك ملك مصر فأبحت الخمور فقال أو يحدث هذا في مصر قال نعم في مكان كذا وكذا حانة يباع فيها الخمر وغيرها من المنكرات وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة
فقال يا سيدي أنا ما فعلت هذا إنما هو من عهد أبي. فهز العز بن عبد السلام رأسه وقال: إذن أنت من الذين يقولون "إنا وجدنا آباءنا على أمة" [ الزخرف ] فقال لا أعوذ بالله وأصدر أمرا بإبطالها فورا ومنع بيع الخمور في مصر
رجع العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - إلى مجلسه يعلم الطلاب ويدرسهم وكان يعلمهم مواقف البطولة والشجاعة كما يعلمهم الحلال والحرام ويعلمهم الغيرة على الدين مثل ما يعلمهم الأحكام إذ ما قيمة أن يوجد طالب يحفظ القرآن والصحيحين والسنن وكتب الفقه والحديث ومع ذلك هو ميت الغيرة على الإسلام لا يغضب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يتمعر وجهه إذا رأى المنكر ويتطلع لمنازل الصديقين والشهداء ما قيمة هذا العلم
وعندما رجع العز.بن.عبد.السلام إلى مجلس درسه جاءه أحد تلاميذه يسأله كيف الحال قال بخير والحمد لله. قال كيف فعلت مع السلطان قال يا ولدي رأيت السلطان وهو في أبهة وعظمة فخشيت أن تكبر عليه نفسه فتؤذيه فأردت أن أهينها.
إذن العز.بن.عبد.السلام أعلن هذا الأمر على الناس لأنه يريد أن يربي السلطان ويقصد إنكار منكرين في وقت واحد:
المنكر الأول: الحانة التي يباع فيها الخمر.
والمنكر الثاني: هو هذا الغرور وهذه الأبهة والطغيان الذي بدأ يكبر في نفس الحاكم فأراد أن يقتلعه ويزيله من نفسه لذا قال العز: "لئلا تكبر عليه نفسه فتؤذيه". فقال له تلميذه يا سيدي أما خفته قال: "لا والله يا بني استحضرت عظمة الله - عز وجل - وهيبته فرأيت السلطان أمامي كالقط
لكن ما رأيكم في طالب علم أصبح يخاف حتى من القط هل يأمر أو ينهى كلا بالطبع.
لعل من أسباب قيام العز بن عبدالسلام - رحمه الله باتخاذ هذه المواقف العلنية أن يجر الأمة كلها إلى مواقف شجاعة قوية.

موقفه مع أمراء المماليك وقصة بيعه للمملوك والامراء

وهناك موقف آخـر يعد من أعجب مواقفه - رحمه الله - فقد كان المماليك هم الذين يحكمون مصر في عصر العز بن عبد السلام فالحكومة الحقيقة كانت في أيديهم فقد كان نائب السلطنة مملوكيا وكذلك أمراء الجيش والمسئولون كلهم مماليك في الأصل وفيهم من لم يثبت تحرره من الرق.
وكان العز بن عبد السلام كبير القضاة بمصر فكان كلما جاءته رقعة فيها بيع أو شراء أو نكاح أو شيء من هذا للمماليك الذين لم يحرروا أبطلها وقال: هذا عبد مملوك حتى لو كان أميرا وكبيرا عندهم أو قائدا في الجيش يرده إذ لابد أن يباع ويحرر وبعد ذلك يصحح بيعهم وشراءهم وتصرفاتهم كلها أما الآن فهم عبيد.
فغضب المماليك من هذا الإمام وجاءوا إليه وقالوا : ماذا تصنع بنا قال : رددنا بيعكم فغضبوا أشد الغضب ورفعوا أمره إلى السلطان فقال : هذا أمر لا يعنيه.
فلما سمع العز.بن.عبد.السلام هذه الكلمة قام وعزل نفسه من القضاء.
لقد كان من أهم جوانب قوة العز.بن.عبد.السلام أنه كان أكبر من المناصب وأكبر من الوظائف وأكبر من الأسماء ولذلك ما كان يتطلع إليها أو يستمد قوته منها إنما يستمد قوته من إيمانه بالله - عز وجل - ومن وقفته إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بكلمة الحق ثم من الأمة التي أعطته ثقتها وإتباعها في الحق يصدع به.
ولذا أصبح العز.بن.عبد.السلام في حياتهم وقلوبهم هو تاج الزمان ودرته وأصبح هو أعظم عالم وداعية وإمام في العالم الإسلامي في وقته فلذلك عزل نفسه عن القضاء إذ كل أمور المسلمين تدخل تحت تصرف القاضي وهو لا يحكم فيها إلا بحكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم .
ثم قام العز بتصرف آخر مشابه وهو أنه جمع متاعه وأثاث بيته واشـترى حمارين ووضع متاعه على حمار وأركب زوجته وطفله على الحمار الآخر ومشى بهذا الموكب البسيط المتواضع يريد أن يخرج من مصر ويرجع إلى بلده الشام.
لكن الأمة كلها خرجت وراء العز.بن.عبد.السلام حتى ذكر المؤرخون أنه خرج وراءه العلماء والصالحون والعباد والرجال والنساء والأطفال وحتى الذين لا يؤبه لهم -هكذا تقول كالرواية مثل: النجارين والصباغين والكناسين... وخرج كل أصحاب الحرف والمهن -الشريفة والوضيعة الجميع خرجوا وراء العز بن عبد.السلام في موكب مهيب رهيب.
ثم ذهب بعض الناس إلى السلطان وقالوا له : من بقي لك تحكمه إذا خرج العز.بن.عبد.السلام وخرجت الأمة كلها وراءه ما بقي لك أحد متى راح هؤلاء ذهب ملكك.
فأسرع الملك الصالح أيوب للعز وركض يدرك هذا الموكب ويسترضيه ويقول له : ارجع ولك ما تريد قال : لا أرجع أبدا إلا إذا وافقتني على ما طلبت من بيع هؤلاء المماليك قال : لك ما تريد افعل ما تشاء.
رجع العز.بن.عبد.السلام وبدأ المماليك يحاولون معه ليغير رأيه إذ كيف يباعون بالمزاد العلني فأرسل إليه نائب السلطنة -وكان من المماليك - بالملاطفة فلم يفد معه هذا الأسلوب فاقترح بعضهم قتل العز.بن.عبد.السلام فذهب نائب السلطنة ومعه مجموعة من الأمراء ثم طرق باب العز.بن.عبد.السلام وكانت سيوفهم مسلطة يريدون أن يقتلوه فخرج ولد العز.بن.عبد.السلام -واسمه عبد اللطيف- فرأى موقفا مهيبا مخيفا فرجع إلى والده وقال : يا والدي انج بنفسك .. الموت الموت قال : ما الخبر قال : الخبر كيت وكيت
فقال العز.بن.عبد.السلام لولده : يا ولدي والله إن أباك لأحقر وأقل من أن يقتل في سبيل الله - عز وجل -.
ثم خرج مسرعا إلى نائب السلطنة فلما رآه نائب السلطنة يبست أطرافه وتجمد وأصابته حالة من الذعر والرعب وأصبح يضطرب وسقط السيف من يده واصفر وجهه وسكت قليلا ثم بكى وقال: يا سيدي خبر ماذا تعمل قال العز : أنادي عليكم وأبيعكم. قال : تقبض الثمن قال : نعم. قال : أين تضعه قال : في مصالح المسلمين العامة فطلب منه الدعاء وبكى بين يديه ثم انصرف.
وفعلا فعلها العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - قام وجمع هؤلاء وأعلن عنهم وبدأ يبيعهم وكان لا يبيع الواحد منهم إلا بعدما يوصله إلى أعلى الأسعار فلا يبيعه تحلت القسم وإنما يريد أن يزيل ما في النفوس من كبرياء فكان ينادي على الواحد بالمزاد العلني وقد حكم مجموعة من العلماء والمؤرخين بأن هذه الواقعة لم يحدث مثيل لها في تاريخ البشرية كلها.
إن جميع الأمم على مدى تاريخ البشرية جمعاء إذا أتوا يفاخروننا فإننا نفاخرهم بأئمة أفذاذ من أمثال العز ابن عبد السلام هاتوا لنا شخصية فكرية في الأمم كلها تقف مثل هذا الموقف
ولعل تاريخ الإسـلام كله لا يعرف فيه مثل هذا الموقف الذي حصل للعز بن عبد السلام رحمه الله

إذن العز.بن.عبد.السلام كان شجـاعا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بكلمة الحق وكان يرى أن يقول ذلك علانية وصراحـة ولا يداهـن ولا يخاف في الله لومة لائم.
محاربتـه للمنكـرات

موقفه مع الوزير فخر الدين

بعض تلاميذه أتوه في يوم من الأيام فقالوا له : إنه في مكان كذا قام وزير كبير في دولة المماليك ويدعى فخر الدين ببناء ( طبل خانة ) وهي مكان مخصص للغناء والرقص والموسيقى والفساد وكان هذا المكان بقرب أحد المساجد وعندما تأكد العز.بن.عبد.السلام من صحة هذا الخبر جمع أولاده وبعض تلاميذه وذهب إلى المكان الذي يسمونه بالطبل خانة وقام وأخذ الفأس وبدأ في هدم هذا المكان هو ومن معه حتى سووه بالأرض.
فهل اكتفى بهذا لا بل أصدر قرارا بأن هذا الوزير ساقط العدالة فلا تقبل شهادته ولا يقبل منه أي خبر من الأخبار وأعلن ذلك للناس فسرعان ما تناقلت الأمة هذا الخبر عن العز بن عبد السلام.
وظن فخر الدين وغيره أن هذا الحكم بإسقاط عدالته لن يتأثر به فخر الدين إلا في مصر فقط ولكنهم تعجبوا أشد العجب حينما حدث خلاف ذلك فقد أرسل ملك مصر "الملك الصالح" إلى الخليفة العباسي المستعصم ببغداد رسالة شفهية بواسطة أحد الأشخاص وعندما أبلغ هذا الرجل الرسالة إلى الخليفة المستعصم قال له الخليفة هل سمعت هذه الرسالة من ملك مصر مباشرة قال : لا ولكن أبلغنها الوزير فخر الدين عن الملك فقال له الخليفة : إن هذا الوزير المذكور قد أسقط العز بن عبد السلام عدالته ولا أقبل خبره ارجع بهذه الرسالة فلن أقبل هذا الخبر حتى تأتيني به من حاكم مصر مباشرة فرجع الرسول إلى ملك مصر حتى شافهه بالرسالة ثم عاد إلى بغداد وأداها إلى الخليفة المستعصم.
وعندما وصل خبر رد الخليفة لرواية هذا الوزير وخبره عرف الناس أن الأمة كلها مع العز.بن.عبد.السلام

وربطا لما كان في موضوع قطز هناك موقفا عظيما للعز بن عبد السلام بعد وصول قطز لسدة حكم مصر وظهور خطر التتار ووصول أخبار بفظائعهم وللاستعداد لملاقاة التتار الزاحفين، أمر قطز بجمع الأموال للإعداد للحرب ، فوقف العزّ بن عبد السلام في وجهه، وطالبه ألا يأخذ من الناس شيئا إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تناسب غناهم حتى يتساوى الجميع في الأنفاق، اذ وقف بوجه السلطان قطز حين أراد جمع الاموال من الشعب وفرض الضرائب وأصر على ان يخرج كبار رجال الدوله وعلى رأسهم الامراء ما معهم من اموال ولا يتبقى معهم الا بيوتهم وأحصنتهم ودروعهم وسيوفهم التى سيحاربون بها ويصبحون متساوون مع الشعب حينها يمكن فرض الضرائب على الشعب فنزل قطز على حكم العزّ, وقد قدم الامراء المماليك ما لديهم من أموال ولم يتخيل أحد أن تكون بهذا الحجم
ونرى هنا امتثال الحاكم لما قاله الشيخ وهذا درس أخر فلم يتعنت قطز او باقى رجال الدوله بل نفذوا ما أمر به الشيخ واستعدوا جيدا ومن ضمن الاستعداد الاستعانة برأى علماء الدين فكان النصر